الرئيسية
الحرية Freedom
ا
واقصد بها هنا حرية الإرادة او الأفعال (Free Will) وليست الحرية السياسية او الفكرية او الاقتصادية.
وهي كالتعريف تنص على:
غياب العقبات او الحدود امام الانسان لفعل مايرغب به من دون الإساءة لأحد.
وهو بهذه الطريقه يكون إنسان فعلاً حر الإرادة.
ولكن هل هذه هي الحرية؟
وهل نكون فعلا أحراراً إذا ما أخذنا التعريف على ماهو عليه؟
الإجابة هي لأ
(على حسب رأي بعض الفلاسفة)
مايجري في الغرب حالياً في أن كون الشخص يملك الحرية المطلقة في فعل مايشاء والتي تعكس حريته هي اعتقاد خاطيء
وهو بذلك ليس حر بل عبد.*
وذلك لسبب بسيط وهو اننا اساساً لسنا احرارً في تصرفاتنا
بل إن جميع تصرفاتنا تنطلق من رغبة او شهوة داخلية لا نملك نحن فيها اي تصرف ولم نملك خلقها او تكوينها وهي من صنع البيئة التي حولنا.
(ذهابك لشراء الايس كريم ليس تصرف حر منك بل انصياع منك لرغبتك في شراء الايس كريم)
وهذا ليس عيباً طبعاً كوننا نتصرف طبقاً لما تفضله نفسنا ولكن طبعا ليست حرية مطلقة.
إذاً ماهي الحرية التي من خلالها استطيع ان اطلق على نفسي لقب "إنسان حر" ؟
ايمانويل كانت (فيلسوف الماني) يملك الإجابة حيث يقول:
للتتصرف بحرية يجب ان تتصرف بشكل مستقل ولتتصرف بشكل مستقل يجب ان تتصرف بقوانين تعطيها لنفسك انت من دون قوانين تفرضها عليك الطبيعة
ولتصل لهذه القوانين التي تعطيها لنفسك يجب ان تصل لها بعقلك لا برغباتك او شهواتك.
(إنتهى كلامه)
نعم هكذا تكون إنساناً حرا مستقل بذاتك لا عبداً للشهواتك
شربك للخمر مثلا ليس ناتجاً عن حرية إرادة كما يدعي البعض او الغرب بل هي العبودية بحد ذاتها كونك تتصرف طبقا للشهوات حيوانية لا طبقا للقوانين عقلية مبررة خلقتها لنفسك
وجل من قال في كتابه الحكيم
يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَـوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُـمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [26] سورة ص .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله
حسن - سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2459
وفي رأيي فإن اجتناب الهوى يتعدى حتى السيئات ليصل إلى افعالك اليومية التي ليس منها اي فائدة ولكنها منطلقة فقط من رغبة او شهوه
وعلية تكون القاعدة ان كل انسان يحارب شهواته ورغباته (مهما كانت) وحكم عقله في كل عمل وادخل السبب فهو بالفعل إنسان حر
وكل من يفعل المحرمات مثلا او يذهب لأمور تافه في الحياة لا تفيد لا وطنه ولا مستقبله ولا عائلته (نابعة من رغبة) فهو لا يعتبر حر.
إنقلبت المعادلة !!
يقول الفيلسوف الالماني آرثر شوبنهاور:
تأمل اولا في سخافة الرغبة في نزوعها الى اقتناء الاشياء المادية والحصول عليها ....
فالرجل المجرد من المقدرة العقلية لا يدري كيف يملاً اوقات فراغه، فهو يندفع اندفاع الشر النهم من مكان الى اخر بحثا عن الملذات واشباع الرغبات
وملء الفراغ والحاجات الحسية الجديدة، الى ان تقهره اخيرا الهة الانتقام
ويقول المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت:
لقد كان الفيلسوف الفرنسي فولتير يفضل شقاء حياة الحكمة على الجلوس والتمتع بالرغبات
ويتمنى دائما خوض تجارب الحياة بحرص بالغ حتى مع الالم المصاحب للهذه التجارب
ويتمنى الدخول في اعماق اسرارها حتى لو انتهت بخيبة امل
هؤلاء هم
وهذا ماقالوه
وهذه هي الحرية إن اردتها فعلاً
ولكنهم قلة فعلاً من يريد الحرية الأن مع انه كان يفضلها على تعريفها المتعارف عليه في اغلب الاحيان
إلى لقاء آخر
* (طبعاً هو حر اقتصاديا وفكريا وسياسياً وايضاً في كونه على الأقل يستطيع تقرير مصيره في الإختيار بين تحكيم الرغبة او العقل)
